أفاعي الفردوس - إلياس أبو شبكة |
ملّقيه بحسنكِ المأجورِ
وادفعيه للإنتقام الكبيرِ
إن في الحسن , يا دليلةُ ! أفعى
كم سمعنا فحيحها في سرير
أسكرت خُدعة الجمال هرقلاً
قبل شمشون بالهوى الشرير
تقطر الحِمّة المسعّرة الشهّاءُ
منه كأنه في هجير
وإذا لَبْوَةٌ مخدرّة الحسن
تردّت من كهفها المخدور
تنضح اللذةُ الشهيّة منها
خمرةٌ من جمالها المأثور
فتنث ّالعبيرَ في مخدع الليل
فتَشهى حتى عروقُ الصخور
فتلاشى اللهيب في سيد الغاب
أمير المغاور المنصور
والعظيم العظيم تضعفه أُنثى
فينقاد كالحقير الحقير
ملّقيه فبين نهديك غامت
هوةّ الموت في الفراش الوثير
فأنشقي فورة الحرارة من جسمي
وغذّي قواك من إكسيري
فأشتهي, كل ليلة , مخلبي الدامي
على خزّ جسمك المخمور
وإذا قينةٌ تخالجها السكرُ
على مشهد من الجمهور
فتثنت تضاجع الجوَّ نشوى
من تلوّي قوامها المحرور
رقصة الموت , يا دليلة ! هذي
أم تراها اختلاجةً في الخمور؟
1933
------
في هيكل الشهوات
ما لي ارى القلب في عينيك يلتهبُ
أليس للنار , يا أخت الشقا , سبب؟
بعض القلوب ثمار ما يزال بها
عَرْفُ الجنان , و لكن بعضها حطب
ذكرتها, غير أن الشك خالجني
إن النساء إذا راوغن لا عجب
فهن من حية الفردوس امزجة
يثور فيهن من اعقابها عصب
ما زلت ِ تغتصبين الليل في جهد
حتى تجمَّد في أجفانك التعب
لا تقنطي ان رأيت الكأس فارغة
يوماً, ففي كل عام ينضج العنب
1929
-----
سدوم
مغناك ملتهبٌ و كأسك مترعه
فاسقي اباك الخمر و اضطجعي معه
لم تُبق في شفتيك لذاتُ الدما
ما تذكرين به حليب المرضعه
قومي ادخلي , يا بنت لوط, على الخنى
وازني فإن أباك مهّد مضجعه
في صدرك المحموم كبريتٌ إذا
لعبت به الشهوات فجّر اضلعه
في صدرك الدامي مناجم للخنى
اورثتها نار الذراري المزمعه
نفخ الصبي بنهودها فتكوَّرت
وتبسَّمت عن وردة مترفعه
ماذا فعلتِ , سدومُ! اين جواذبُ
كانت على تلك الخدود مجمَّعه
فيمَ استحال لبانك النامي الى
خمر بكاسات الفجور مشعشعه
ذوّبت خمرك لا ليصبح طاهراً
لكن ليستهوي النفوس فتجرعه
وجعلتِ غرغرة الأفاعي كأسه
ليذوق منها كل قلب مصرعه
1931
-----------------
شهَوةُ الموت
ناقمٌ على السماءْ
حاقدٌ على البشرْ
ساخطٌ على القضاء
ثائر على القدر
غير قطرة المساء
لا أحب في السحر
صرتُ أمقت الصفاء
صرتُ أعشق الكدر
غير مشهد الدماء
لا أحب في الصور
ناقمٌ على السماء! والبشر
*
جمّلي لي الجسدْ
واسكبي ليَ الرحيقْ
لا تفكري بغدْ
قد يجي و لا نفيقْ
ما لنا وللأبد
إنَّ سرَّه عميقْ
الهوى اذا اتّقد
كان للبلى طريقْ
فلنمت يداً بيد
ولنُغيِّب البريقْ
بين شهوة الجسد! والرحيق
1929
أفاعي الفردوس - دار المكشوف - الطبعة الثالثة - بيروت , 1962
1 تعليقات::
v
إرسال تعليق